الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.
حديث ( أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا... ).
روى أبو داود عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال .
[face=arial black]أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقَه " رواه أبو داود، في كتاب: الأدب، باب:في حسن الخلق، رقم الحديث: (4800).الحديث حسنه الالبانى فى صحيح الجامع والسلسله الصحيحة . [/face]
البيت الأول : في ربض الجنة، أي: أسفل الجنة، لمن ترك المراء وإن كان على حق.
البيت الثاني: في وسط الجنة، لمن ترك الكذب في كل موضع لا يجوز فيه، وإن كان مازحاً. وهذا الأمر مما يخالف فيه كثيرٌ من الناس حيث يسمحون لأنفسهم بالكذب، ويعللون ذلك بأنهم مازحون.
البيت الثالث: في أعلى الجنة، لمن حسَّن خُلُقَه، أي سعى في تحسين أخلاقه، وابتعد عن كل ما يدنسها ويفسدها ، وترك جميع ما يخالف فطرة الله التي فطر الناس عليها. .
ومكان الشاهد في هذا الحديث ما يتعلق بالمراء ، فقد رغّب النبي -صلى الله عليه وسلم- في تركه ورتب على ذلك الأجر العظيم، كما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث أخرى، ومنها:
ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:.
"لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح ، ويترك المراء وإن كان صادقا".
وما رواه الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :. "لا تمار أخاك ".
وفي هذه الأحاديث ونحوها يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الأمور التي لا تناسب المسلم ولا يصلح أن تكون من أخلاقه، ومن تلك الأخلاق غير المرضية:
المراء، والمقصود به في اللغة: استخراج غضب المجادل.
من قولهم: مريت الشاة، إذا استخرجت لبنها، وحقيقة المراء المنهي عنه: طعن الإنسان في كلام غيره؛ لإظهار خلله واضطرابه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيته عليه. وإن كان المماري على حق ، فإنه لا يجوز له أن يسلك هذا السبيل؛ لأنه لا يقصد من ورائه إلا تحقير غيره والانتصار عليه.
أما الجدال فهو من الجدل ، والجدل في اللغة : اللدد في الخصومة والقدرة عليها، وحقيقة الجدل في
الاصطلاح الشرعي:
حسن القصد في إظهار الحق طلبا لما عند الله تعالى، فإن آنس من نفسه الحيد عن الغرض الصحيح فليكفّها بجهده، فإن ملكها، وإلا فليترك المناظرة في ذلك المجلس، وليتق السباب والمنافرة فإنهما يضعان القدر، ويكسبان الوزر ، وإن زل خصمه فليوقفه على زلـله ، غير مخجل له بالتشنيع عليه ، فإن أصر أمسك، إلا أن يكون ذلك الزلل ممايحاذر استقراره عند السامعين، فينبههم على الصواب فيه بألطف الوجوه جمعا بين المصلحتين) .
وهذا النوع من المجادلة مأمور به، ومن الأدلة عليه قوله تعالى:.
[face=arial black]<font size="4">" وجادلهم بالتي هي أحسن" النحل: 125.وقوله:.[/face]
[face=arial black]<font size="4">"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن"العنكبوت: 46 .وقوله :."قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"البقرة: 111.[/face]
[face=arial black]<font size="4">وقد فعله الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كابن عباس – رضي الله عنهما- لما جادل الخوارج والحرورية، ورجع منهم خلق كثير، وفعله السلف أيضا كعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه ، فإنه جادل الخوارج أيضاً.[/face]
أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا
وأما الجدال الذي يكون على وجه الغلبة والخصومة والانتصار للنفس ونحو ذلك فهو منهي عنه، وعليه تحمل الأدلة التي تنهى عن الجدال، كقوله -صلى الله عليه وسلم – الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجة:.
ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل . ثم تلا قوله تعالى
وهذا النوع من الجدال هو الجدال بالباطل فيكون كالمراء، وكلاهما محرم وبهذا يتضح الفرق بين
أما الجدال فله حالتان:[/u]
الأولى: الجدال المحمود، وهو الذي يكون لتبيين الحق وإظهاره، ودحض الباطل وإسقاطه، وهو الذي أمرت به الأدلة الشرعية ، وفعله العلماء قديماً وحديثاً.
الثانية: الجدال المذموم ، وهو الذي يقصد به الغلبة والانتصار للنفس ونحو ذلك وهو الذي تحمل عليه الأدلة الشرعية الناهية عن الجدال، ويكون الجدال هنا كالمراء ، وكلاهما محرم.
هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}سورة المائدة، الآية 119.
ولقد قرن الله تعالى الكذب بعبادة الأوثان فقال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )الحج:30.
(الله يشهد إن المنافقين لكاذبون )المنافقون:1. (في قلوبهم
مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )البقرة:10. (إنما يفتري الكذب الذين لا
يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون.)النحل :105.
الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة, وإن الرجل ليصدق حتى يُكتبَ عند الله صديقاً, وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار, وإن الرجل ليكذب حتى يُكتَب عند الله كذاباً) عن ابن مسعود. ما أقبح غاية الكذب .الكذب يفضي إلى الفجور وهو الميل والانحراف عن الصراط السوي .
حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ..( كفى بالمرء كذباً أن يُحدّث بكل ما سمع).عن أبي هريرة..
حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ..( آية المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كَذَب , وإذا وعَد أخلف ,وإذا اؤتُمن خان) عن أبي هريرة. وزاد مسلم:.
( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم) .
والكذب حرام وإن لم يكن فيه أكل لمال الغير بالباطل، ولكنه إذا تضمن أكل مال بالباطل كان أعظم جرما وأشد عقوبة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم عد الكبائر وفيها اليمين الغموس قيل ما اليمين الغموس قال:..التي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب) رواه مسلم.
الكذب لِيُضحِك القوم: .إن بعض الناس يكذب ليضحك به القوم فيألف ذلك لما يرى من ضحك الناس ويستمر على عمله فيهون عليه وقد جاء في الحديث:.([size=4][font=arial black]ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) أخرجه الثلاثة وإسناده قوي. .
فالواجب تحري الصدق والحذر من الكذب أينما كان إلا في الأوجه التي يجوز فيها الكذب، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها:.(لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها).
ما يُباح من الكذب حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
.( ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس فَيُنمي خيراً أو يقول خيراً) عن كلثوم بنت عقبة. وزاد مسلم:.
( ولم أسمعه يرَخِّصُ في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث تعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها).
من [موقع الإسلام اليوم ].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا